الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
(قَوْلُهُ: عَلَى أَضْدَادٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ.(قَوْلُهُ: وَرَدِّ الْكَافِرِ) أَيْ: لِأَنَّهُ آثِمٌ بِالتَّرْكِ سم.(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَدَمُ الْإِثْمِ بِالتَّرْكِ ع ش.(قَوْلُهُ: وَرَدِّ إلَخْ) أَيْ: الْكَافِرِ لِذَلِكَ سم.(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الثَّانِي) أَيْ: عَدَمُ الطَّلَبِ فِي الدُّنْيَا ع ش.(قَوْلُهُ: وَرَدِّ غَيْرِهِ) أَيْ: لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ وَلِيِّهِ كَالصَّبِيِّ سم.(قَوْلُهُ: لِمَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ الطَّلَبِ الْجَازِمِ رَشِيدِيٌّ.(قَوْلُهُ: أَنَّ فِي الْكَافِرِ تَفْصِيلًا) وَهُوَ أَنَّهُ تَارَةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَتَارَةً لَا يَجِبُ فَبِاعْتِبَارِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ جَعَلَهُ قِسْمَيْنِ الْأَصْلِيُّ قِسْمٌ، وَالْمُرْتَدُّ قِسْمٌ وَإِنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا اعْتَرَضَهُ بِهِ سم عَلَى حَجّ ع ش.(قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ وَرَدُّ الصَّبِيِّ) أَيْ: لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الصَّبِيِّ مِمَّنْ ذُكِرَ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُهُ لَا عُمُومَ فِيهِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ سم.(قَوْلُهُ: وَرَدُّ الصَّبِيِّ) أَيْ: لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ وَلِيِّهِ رَشِيدِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مِثْلُهُ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبَصْرِيِّ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الطَّلَبِ فِي الدُّنْيَا شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ وَرَدُّ غَيْرِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ صَوَابُهُ وَرَدُّ الصَّبِيِّ. اهـ.(وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْكَافِرِ) إذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (إلَّا الْمُرْتَدِّ) بِالْجَرِّ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَعَلَّهُ لِاقْتِصَارِ ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ زَمَنَ الرِّدَّةِ حَتَّى زَمَنَ جُنُونِهِ، أَوْ إغْمَائِهِ، أَوْ سُكْرِهِ فِيهَا وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَمَنِ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا يُخَالِفُهُ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَهَا عَنْهَا عَزِيمَةٌ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهَا الرِّدَّةُ وَعَنْهُ رُخْصَةٌ فَأَثَّرَتْ فِيهَا إذْ لَيْسَ الْمُرْتَدُّ مِنْ أَهْلِهَا وَنَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْصِ بِالْجُنُونِ فَمُقَارَنَةُ الرِّدَّةِ لَهُ كَمُقَارَنَةِ الْمَعْصِيَةِ فِي السَّفَرِ لَهُ وَجَوَابُهُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الرِّدَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلْقَضَاءِ مُقَارِنَةٌ لِلْجُنُونِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ مَانِعٌ لِلْقَصْرِ أَصْلًا فَإِنْ قُلْت لِمَ وَجَبَ الْقَضَاءُ مَعَ الْجُنُونِ الْمُقَارِنِ لَهَا تَغْلِيظًا وَمَنَعَ الْجُنُونُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ لِأَجْلِهَا وَأَوْجَبَ السُّكْرَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَمْنَعْ الثَّانِيَ تَغْلِيظًا فِيهِمَا مَعَ أَنَّهَا أَفْحَشُ مِنْهُ قُلْت؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا جِنَايَةٌ إلَّا عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَاقْتَضَتْ التَّغْلِيظَ فِيهَا فَحَسْبُ وَهُوَ فِيهِ جِنَايَةٌ عَلَى الْحَقَّيْنِ فَاقْتَضَى التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْهُ.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْكَافِرِ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةُ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَهَلْ ثَبَتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ فَعَلَ ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ الْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إجْمَالًا وَتَفْصِيلًا، ثُمَّ أَطَالَ جِدًّا فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَقَالَ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ وَلَا بِالْكَرَاهَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِضِ بِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ لِلْحَائِضِ عَزِيمَةٌ وَبِسَبَبٍ لَيْسَتْ مُتَعَدِّيَةً بِهِ، وَالْقَضَاءُ لَهَا بِدْعَةٌ وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَتَرْكُ الصَّلَاةِ لِلْكَافِرِ بِسَبَبٍ هُوَ مُتَعَدٍّ بِهِ وَإِسْقَاطُ الصَّلَاةِ عَنْهُ مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ مَعَ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ حَالَ الْكُفْرِ وَعُقُوبَتُهُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ. اهـ. لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر الْجَزْمُ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ وَوَجَّهَهُ فِي دَرْسِهِ بِأَنَّ قَضَاءَهُ لَا يُطْلَبُ وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ يُنَفِّرُهُ، وَالْأَصْلُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ.(قَوْلُهُ: تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ وَهَلْ يَصِحُّ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَاطَبًا بِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مُطْلَقًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَالْعِبَادَةُ إذَا لَمْ تُطْلَبْ الْأَصْلُ أَنْ لَا تَصِحَّ فِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الثَّانِي فَيُفَارِقُ صِحَّةَ قَضَاءِ الْحَائِضِ بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهِ عَلَى قَوْلِ كَرَاهَتِهِ بِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ خِطَابٍ فِي الْجُمْلَةِ.(قَوْلُهُ: حَتَّى زَمَنِ جُنُونِهِ) لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أُصُولِهِ حَالَ جُنُونِهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَسَقَطَ الْقَضَاءُ مِنْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِينَئِذٍ مَجْنُونٌ مُسْلِمٌ.(قَوْلُهُ: حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا) أَيْ الْوَاقِعَانِ فِي رِدَّتِهَا.(قَوْلُهُ: عَنْهَا) أَيْ: الْحَائِضِ.(قَوْلُهُ: وَعَنْهُ رُخْصَةٌ) أَيْ: وَإِسْقَاطُهَا عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمَجْنُونِ، أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، أَوْ السَّكْرَانِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى زَمَنَ جُنُونِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ يُفِيدُ دُخُولَ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ سَاقِطٍ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: لَمْ يَعْصِ) يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي جُنُونٍ لَا تَعَدِّيَ بِهِ لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ يَقْتَضِي فَرْضَ الْكَلَامِ فِي الْأَعَمِّ فَفِيهِ مَا فِيهِ.(قَوْلُهُ: مُقَارِنَةٌ لِلْجُنُونِ) قَدْ يُقَالُ غَايَتُهُ اجْتِمَاعُ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ فَلِمَ قَدَّمَ الْأَوَّلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِقُوَّتِهِ بِاقْتِضَائِهِ التَّغْلِيظَ، أَوْ بِتَقَدُّمِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ شَرَعَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِالْمَعْصِيَةِ وَيُجَابُ بِالْفَرْقِ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ.(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفَرِ) قَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ غَيْرُ مُوَجَّهٍ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ النَّظَرِ أَنَّ مُقَارَنَةَ الْمَعْصِيَةِ لِلسَّفَرِ كَمَا لَمْ تَمْنَعْ تَرَتُّبَ مُقْتَضَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَوَازُ التَّرَخُّصِ فَهَلَّا كَانَ مُقَارَنَةُ الرِّدَّةِ لِلْجُنُونِ كَذَلِكَ أَيْ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ وَهُوَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَحَاصِلُهُ لِمَ جَعَلْتُمْ مُقَارَنَةَ الرِّدَّةِ مُؤَثِّرًا دُونَ مُقَارَنَةِ الْمَعْصِيَةِ لِلسَّفَرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِدَعْوَى أَنَّ الْمَعْصِيَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلسَّفَرِ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِلْقَصْرِ أَيْ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ تَرَتُّبِ أَثَرِ السَّفَرِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ هَذَا الْفَرْقِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُنَافِي التَّخْفِيفَ.
|